
بسم الله الرحمن الرحيم
الشخصية La personnalité
3-2 محددات بناء ونمو الشخصية
-1- عوامل جسمية ونفسية:
1- الصفات الجسمية: والحالة الصحية تؤثر في نفسية الفرد وفي سلوكه وفي تكوين شخصيته كما وتساهم في اتساع ونمو علاقاته الاجتماعية داخل المجتمع.
2 – العوامل النفسية: وتشمل العوامل العقلية من ذكاء وقدرات وميول واهتمامات وصفات مزاجية وانفعالية والتي تساهم في تحقيق إمكانياته وقدراته بأعلى كفاءة ممكنة وأقل جهد وأيسر سيل.
-2-الأسرة La Famille:
إن الأسرة تلعب دوراً هاماً في بناء وتكوين شخصية الطفل والتي هي انعكاس عن ثقافة المجتمع الذي نشأ فيه والتي تشكل بالتدريج شخصيته خلال مراحل نموه من خلال الخبرات التي تلقاها من بيئته الصغيرة “أسرته” ولكن الطفل بدوره ونتيجة للتفاعل المتبادل بينه وبين الأسرة يظهر تأثيره داخل الأسرة ويعدل من نمط العلاقات القائمة فيما بينها.
فتأثير الأم يتميز عن تأثير باقي أفراد الأسرة خاصة في المراحل الأولى من حياة الطفل وذلك يبدو من شدة تعلق الطفل بأمه.
ثم يلي ذلك تأثير الأب ثم الأخوة والأخوات ثم الأشخاص الآخرون من خارج نطاق الأسرة.
ومن الملاحظ أنه ليس هناك نمط محدد من حيث علاقة الطفل بأمه أو بوالده أو بأخوته كما أن خبرات الطفل الأساسية تختلف عن خبرات الطفل الأخير أو الطفل الوحيد في العائلة الواحدة. وخلال مراحل نمو الطفل يبدو تأثير جماعات الرفاق من خارج الأسرة أكثر أهمية من تأثير الأهل في سن معين فالأهمية النسبية لكل من الأم والأب والأخوة تختلف باختلاف مراحل نمو الطفل وباختلاف الجنس ذكراً كان أم أنثى.
أ – خبرات الطفولة:
إن خبرات الطفولة لها تأثير واضح على شخصية الفرد فيما بعد، فالطفل المنبوذ من أسرته مثلاً، قد يجد صعوبة في تغير نظرته نحو نفسه بعد ذلك حتى ولو اكتسب خبرات عديدة بعدها، لأن الخبرة السابقة لها تأثير واضح في نمو شخصيته، كما وأن حدود ومحتوى هذه الخبرات يتحدد إلى درجة كبيرة عن طريق الأسرة، فهذا يدل على أهمية دور الأسرة في نمو وبناء شخصية الطفل وخاصة دور الأم في السنوات الأولى من طفولته والتي تبدو واضحة فيما بعد خلال مراحل النضج.
ب – حاجاته النفسية:
من خلال الأسرة يشبع الطفل حاجاته النفسية، فمن داخل الأسرة يتعلم الطفل من خلال الخبرات التي يمر بها المواقف التي تؤدي إلى ظهور التوتر الانفعالي كما يتعلم كيفية مواجهة هذه المواقف والعمل على خفض هذا التوتر.
ج – الرعاية:
إن حسن تربية الطفل داخل أسرة بعيداً عن المشاجرات والمخاصمان وبأسلوب تربوي موزون يؤدي إلى نمو الطفل بصورة متزنة ومتوافقة مع نفسه ومع أسرته، أما التدليل الزائد للطفل من قبل الأهل أو الإهمال الزائد أو النبذ يؤدي إلى نمو الطفل بصورة غير متزنة ويصبح عرضة للمخاوف والقلق وعدم الاطمئنان.
د – أسلوب المعاملة: “ونمط الشخصية”.
– إن أسلوب تنشئة الطفل ومعاملته من قبل الأهل بقسوة؛ ونبذ من شأنه أن يخلق شخصية عدوانية غير متوافقة وقلقة.
– أما الرعاية الزائدة فإنها تؤدي إلى خلق شخصية طفلية ليست لديها القدرة على تحمل المسؤولية وغير متوافقة.
– أما أسلوب السيطرة من الآباء تجاه الأبناء يؤدي إلى خلق شخصية ضعيفة اتكالية خجولة.
– أما أسلوب الرعاية المتزنة من الأهل والمتقبلون لأبنائهم بمحبة يؤدي أسلوب تعاملهم هذا إلى نمو الطفل نمواً سليماً متوافقاً مع نفسه ومتوافقاً مع الآخرين واثقا من نفسه إلى أبعد الحدود.
أما الأبناء غير المتوافقين نفسياً واجتماعياً هم في الغالب أبناء أسر منهارة يكثر فيها طابع النزاع والشقاق.
والطفل يجد نفسه موزعاً ولاءه بين الأم والأب وقد يجلأ إلى استغلال وضعه هذا فيعمد إلى إثارة أحد الوالدين على الآخر أو قد يهملهما معاً، وغالباً ما يكون السلوك هذا متصفاً بالرعونة والطيش وبالقسوة والجفاء تجاه الطفل مما يؤدي إلى شعوره بالقلق وفقدان مشاعر الأمن الضرورية لنمو شخصيته.
-3- المدرسة:
المدرسة هي بمثابة البيئة الثانية للطفل بعد الأسرة والتي لها تأثير مباشر في نموه وتنشئته، إلا أن هنالك عوامل محددة تشير إلى أي مدى يمكن لهذا الطفل أو ذاك أن يحققه من نجاح وهذه العوامل هي: نسبة ذكائه وقدراته المختلفة وحسن توافقه مع الآخرين.
أ – نسبة الذكاء: تساعد الطفل على مدى استيعابه للمواد المطلوبة منه كما تساعده في نمو شخصيته على ضوء توافقه الناجح مع بيئته المدرسية.
أما إذا كانت نسبة ذكاء الطفل دون الوسط فلا شك بأنه قد يجد صعوبة في فهم المواد المدرسية مما يؤدي إلى سوء توافقه مع بيئته المدرسية لذا فهو بحاجة إلى مساعدة خاصة معينة على ما يطلب منه.
ب – القدرة اللغوية: تعد وسيلة هامة لفهم المواد المطلوبة دراستها كما وإنها وسيلة هامة للتفاهم بين التلميذ ومدرسيه وزملائه.
ج – مقدرة الطفل على التعامل بنجاح مع الآخرين: ومشاركته في مختلف النشاطات داخل الفصل الدراسي وخارجه وإحساسه بالرضى النفسي نتيجة النجاح في دراسته تعد عاملاً هاماً لأن النجاح يولد النجاح، أما الفشل يؤدي إلى الشعور بالنقص وبالتالي إلى سوء التوافق النفسي والاجتماعي.
د – شخصية المدرس: فلها تأثير مباشر في تطور ونمو شخصية الطفل داخل الفصل وخارجه وتأتي في المرتبة الثانية بعد الأب الذي يعتبر بمثابة المثال أو النموذج الذي يحتذي به الطفل.
هـ – جماعات الرفاق: مع نمو الطفل اجتماعياً تتسع دائرة علاقاته خارج حدود الأسرة لتشمل جماعات الرفاق والأصدقاء الذين لهم تأثير مباشر في نمو مدارك الطفل اجتماعياً.
– ففي مرحلة ما قبل المدرسة تقتصر صداقات الطفل على الجيران ممن هم في مثل سنه ويكون ذلك تحت إشراف الأهل عادة.
– أما داخل المدرسة تزداد فرص تأثر الطفل بالرفاق ويقل إشراف الأهل المباشر عليه.
كما أن علاقة الطفل داخل المدرسة مع زملائه تختلف عن علاقته بالمدرسين وليس هناك من شك ما لعصبة الرفاق من تأثير يناهز تأثير الكبار أو الأهل على الطفل.
-4- الثقافة:
إن الثقافة أو الحضارة التي يعيش فيها الفرد وينمو خلالها، لها تأثير واضح في تكوين شخصيته والتي تختلف عن شخصية فرد آخر. كما أن البيئة الاجتماعية والتي تختلف عن بيئة اجتماعية أخرى تؤثر تأثيراً مختلفاً بين طفل وآخر فالطفل الأميركي بعاداته وتقاليده وأنماط سلوكه يختلف عن عادات وتقاليد وأنماط سلوك الطفل العربي أو الياباني وذلك تبعاً لاختلاف البيئة الثقافية والاجتماعية التي نشأ فيها كل طفل.
فالثقافة أو الحضارة هي نتيجة معبرة عن مستوى التفاعل الاجتماعي بين أفراد مجتمع من المجتمعات والتي تؤدي إلى أنماط اجتماعية عامة ومقبولة يستجيب لها الأفراد في ضوء حاجاتهم الاجتماعية والبيولوجية كما أنها تنتقل وتتوارث من جيل إلى جيل في المجتمع وتتراكم نتيجة لهذا الانتقال، وهي محملة بالمعاني التي يعبر عنها الأفراد بلغتهم بما فيها من رموز وهي ليست فطرية بل يكتسبها الفرد من خلال نموه وتنشئته في بيئة ثقافية واجتماعية معينة، وتؤثر تأثيراً مباشراً في بناء وتكوين شخصيته.
فجميع العوامل الفيزيولوجية والنفسية وتأثير الأسرة والمدرسة والثقافة تساهم معاً في بناء ونمو شخصية الطفل.
-5- وسائل الإعلام L’influence de mass-média:
إن وسائل الإعلام الحديثة تلعب دوراً هاماً في تنمية شخصية الفرد وليس من السهل التحكم في الوسائل الكبرى للإعلام من كتب ومجلات وصحف وإذاعة وتلفزيون وسينما وغيرها، كما وأنه لا يوجد أدنى شك في تأثير المطالعة في تكوين عقلية الفرد وشخصيته فنحن كثيراً ما نصدق الكلمة المطبوعة في كتاب أو صحيفة، كما أننا ندرك فائدة المطالعة والقراءة في اتساع آفاق المعرفة، كما توحي للفرد بنوعية السلوك الذي يجب عليه سلوكه أو الدور الذي يمكن أن يقوم به أو المركز الذي يأمل في الوصول إليه فيبدأ بإعداد نفسه له.
أما التلفزيون فيأخذ الحيِّز الأكبر منها باعتبار أن الشاشة الصغيرة داخل كل بيت تؤثر بما تعرضه على الصغار والكبار على السواء.
وهناك معارض وهناك مؤيد للتلفزيون وما يعرضه من برامج، فالبعض يجد فيه مساوئ من الناحية الخلقية والتربوية والاجتماعية والجسدية، إذ يحبس الطفل أمام الشاشة الصغيرة ويحرمه لفترة طويلة من الزمن للخروج واللعب في الهواء الطلق، كما وأنه يعرض برامج متنوعة عن العنف والجريمة والجنس مما يؤثر سلباً في نفوس الصغار.
أما المؤيدون له فيدَّعون بأن التلفزيون يوسع مدارك الطفل ويفتح أمامه آفاق المعرفة ويخلق لديه الكثير من الاهتمامات ويثير لديه الأفكار المتنوعة كما يشد روابط الأسرة بمشاركتهم رؤية البرنامج معا، بالإضافة أن هذه الوسائل الإعلامية إذا أحسن استخدامها وتوجيهها يكون لها تأثيرًا مضاعفًا في نمو شخصية الطفل وإدراكه بشكل سليم.