العقيدة الإسلامية
العلاقة الشرعية بين أمة الدعوة وأمة الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن لفظ الأمة في اللغة يأتي على عدة معان كما قرر ذلك العلماء:
1- فتأتي بمعنى الزمن، مثل قوله تعالى: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [يوسف: 45]: أي بعد زمن.
2- وتأتي بمعنى الملة مثل قوله تعالى: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً [المؤمنون: 52].
3- وتأتي بمعنى الإمامة كقوله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النحل: 120]: أي إماما.
4- وتأتي بمعنى الطريقة مثل قوله تعالى: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ [الزخرف: 23].
5- وتأتي بمعنى الطائفة.
وكما تعلمون جميعا أن كل نبي يرسله الله عز وجل إلى قوم فإن هؤلاء القوم ينسبون إليه؛ أي يكونون مته، ولكننا أحيانا نقرأ مقالاً على الإنترنت أو كتبً في الاعتقاد، فتمر معنا هذه المصطلحات “أمة الدعوة” و “أمة الإجابة“.
فما معنى هذه المصطلحات؟
أمة الدعوة: هم أمة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة وخاصة الكفار بالله العظيم الذين لم يؤمنوا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
أمة الإجابة: هم المسلمين الذين استجابوا لله عز وجل وعبدوه دون ما سواه سبحانه وتعالى، قال تعالى: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [الرعد : 18]
ما هي الأمة الممدوحة في القرآن؟
قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [آل عمران: 110]
يقول الشيخ عبد العزيز الراجحي[1]: وإذا قيل: علماء الأمة فالمقصود كما هو معلوم أمة الإجابة، أما أمة الدعوة فلا تراد بإطلاق ” الأمة ” إلا إذا دلت قرينة على ذلك.
ويقول الشيخ ابن العثيمين في شرح السفارينية عند الكلام على حديث الافتراق[2]: وقوله: (الأمة) المراد بالأمة هنا أمة الإجابة؛ لان أمة الدعوة تشمل اليهود والنصارى والمشركين، لكن المراد بذلك أمة الإجابة الذين ينتسبون إلى رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ الغنيمان[3]: الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يدعو للأمة عموماً، أي: الأمة التي آمنت، أمة الاستجابة التي استجابت لدعوته، وليس أمة الدعوة؛ فإن الخلق كلهم أمة له، ولكن الذين لم يستجيبوا هم من أهل النار لا يدعى لهم ولا يستغفر لهم، وإنما يدعى للمؤمنين.
فأما أمة الدعوة فهي المقصودة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم[4]: والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ.
جاء في أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة[5]: من هذه الأمة؛ أي: أمة الدعوة.
ما هي العلاقة الشرعية بين الأمتين؟
يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله [6]: ويجب على: ” أمة الاستجابة ” لهذا الدين إبلاغه إلى ” أمة الدعوة ” من كل كافر من يهود ونصارى، وغيرهم، وأن يدعوهم إليه، حتى يسلموا، ومن لم يسلم فالجزية أو القتال.
1 قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة: عبد العزيز بن فيصل الراجحيـ الناشر: مطابع الحميضي – الرياض، الطبعة: الأولى، 1424 هـ، صأ 371.
2 شرح العقيدة السفارينية – الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية المؤلف: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)، الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض الطبعة: الأولى، 1426 هـ صـ 90.
3 الكتاب: شرح فتح المجيد المؤلف: عبد الله بن محمد الغنيمان مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، عدد الدروس 142 درسا، درس رقم 133.
4 صحيح مسلم (135).
5 الكتاب: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة المؤلف: محمد حسن عبد الغفار مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية 73 درسا، الدرس رقم 35.
6 الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان: بكر بن عبد الله أبو زيد بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد (المتوفى: 1429هـ)، دار العاصمة، الطبعة: الأولى، 1417 هـ صـ 92.