يُدندن بعض النصارى على مواقع التواصل شبهة يعتقدون أنهم بها يقضون على دعوة الإسلام العظيم، شبهة يعتقدونها منطقية في تركهم للإسلام العظيم، شبهة يتخذونها معيارًا لتفضيل المسيحية على الإسلام، وفي هذا الموضوع سوف أُفَنّد هذه الشبهة مستخدما نفس المنطق ونفس المعيار المُتَّخّذ، ومفاد الشبهة باختصار:أيها المسلمون أنتم تتبعون محمد ﷺ الذي مات وانقطع عن الحياة منذ أمدٍ بعيد، ونحن نتبع المسيح الذي بشهادتكم في السماء،فأيهما أحق بالاتباع؟
وللرد على هذه الشبهة،نقول:
أولًا: صحيح أننا نتبع محمد ﷺ ولكننا لا نعبده، وهذا الفرق مهم جدًا فنحن نعبد الله تعالى الذي من صفاته الذاتية التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال ولا بلحظة من اللحظات: الحياة، فهو الأول فليس قبله شيء وهو الآخر ليس بعده شيء كما أخبر الحبيب ﷺ فإلهنا المعبود حيٌ حياة سرمدية لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال، قال تعالى واصفا نفسه في أعظم آية في القرآن: اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255]
فيخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة أنه تعالى وتقدس قائم بأمر السماوات والأرض ومن فيهن، وأن له الحياة الكاملة التامَّة لدرجة نفي السِنَة والنوم فلا يلحقه سهوة ولا نوم يسير ولا عميق بل حياته دائمة أبدا جل جلالة وتقدست أسماؤه.
بينما نبينا محمد ﷺ ما هو إلا وسيط يبلغنا شرع الله تعالى وهو خاتم الأنبياء والرسل وهو سيد ولد آدم أجمعين نحبه ونجله ونتبعه في نهجة وسُنَّته في عبادة ربه لأن الله أمرنا بذلك، فقال: فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىِّ ٱلْأُمِّىِّ ٱلَّذِى يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158]
فعلاقتنا بمحمد ﷺ علاقة اتباع لا علاقة عبادة، فلا يضرنا موته ﷺ لأن سنته باقية إلى قيام الساعة، فهديه حي بيننا وهو الذي عليه مدار التكليف.
ثانيًا: أنتم تعبدون المسيح ولا تتبعونه فقط، فالمسيح بالنسبة لكم إلهًا معبودًا؛ وبحسب اعتقادكم أن الإله الإبن نزل واتخذ جسدا بشريًا وهو جسد المسيح لكي يُكَفّر عن الخطيئة الأصلية التي وقع فيها آدم وبسببها تلوثت البشرية كلها واستحقت العقاب.
ومن ركائز اعتقادكم أن اليهود صلبوا المسيح ومات على الصليب ودفن في قبره وبقي ثلاثة أيام زاعمون في ذلك وقوع النبوءة التي تكلم عنها من أنه سيبقى في القبر كما بقي يونان في بطن الحوت.
إذا، فالإله الذي تعبدونه مات ثلاثة أيام وبقي في القبر قبل أن يُخرجه الله الآب من الأموات كما سيخرجنا جميعا يوم القيامة كما يقول بولس الرسول:
(رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 14) وَاللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِقُوَّتِهِ.
إذًا، لو استعملنا نفس المعيار الذي وضعموته نقول: أيهما أحق بالعبادة: الله الحي القيوم الذي لا تأذه سنة ولا نوم أم الإله الذي مات ثلاثة أيام وثلاثة ليال وأُقِيم من الأموات كما سَيُقام جميع الناس يوم القيامة؟