
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول كاتب إنجيل متَّى في سياق المؤامرة على السيد المسيح:
(متى: 26: 59) وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ،
واضح من خلال هذا النَّص أنَّ رؤساء الكهنة كانوا يريدون حُجَّة لكي يقتلوا المسيح عليه الصلاة والسلام.
(متى: 60:26) فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا. وَلكِنْ أَخِيرًا تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ
أخيرًا وبعد طول انتظار تقدم شاهدا زور لكي يشهدوا زورًا على المسيح عليه الصلاة والسلام!
(متى: 61:26) وَقَالاَ: هذَا قَالَ: إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ.
فقال شاهدا الزور أن المسيح عليه الصلاة والسلام قال “أنا أقدر…”، طبعًا المسيح من خلال هذا النَّص لم يقل هذا الكلام وإلا لكانا صادقين وليسا شاهدا زور!
وجاء النَّهيُ عن شهادة الزور ضمن الوصايا العشر التي أكَّدَ عليها المسيح عليه الصلاة والسلام:
(متى: 16:19) وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟
(متى: 17:19) فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا.
(متى: 18:19) قَالَ لَهُ: أَيَّةَ الْوَصَايَا؟ فَقَالَ يَسُوعُ: لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ.
فشهادة الزور خطيئة عظيمةٌ جدًا !
ولكننا نجد في إنجيل يوحنا أنَّ المسيح فعلًا قال هذا الكلام:
(يوحنا: 18:2) فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ: أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟
طلب اليهود من المسيح معجزة على صدقِه، فأجابهم المسيح إلى طلبهم:
(يوحنا: 19:2) أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ.
(يوحنا: 20:2) فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟
فأجابهم المسيح إلى طلبهم ولكنهم اعترضوا عليه مستصعبين هذا الأمر الذي يقوله، فلو كان اليهود يرون بأن المسيح مدعٍ للألوهية لما قالوا هذا الكلام! لأن هذا الفعل سهل على الإله.
ثم، أرأيت الفرق بين القصتين في الإنجيلين ؟
إنجيل يجعل هذا القول من كلام شاهدا الزور على المسيح وإنجيل آخر يجعل الكلام من المسيح كإجابة على طلب اليهود المعجزة منه!
لا .. وكاتب إنجيل يوحنا يبرر قول المسيح فيقول:
(يوحنا: 21:2) وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ.
(يوحنا: 22:2) فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.
أراد أن يبرر للمسيح قوله وجعل له دلالة لاهوتية وهي قيامة المسيح من الأموات بعد أن يمكث ثلاث أيام في بطن الأرض – مع أنه لم يمكث ثلاثة أيام! كما أن الكتاب يقول أقامه الآب وهو يقول أنا أقوم – أو بعبارة أصح: تحريف واختلاق القصص من أجل تثبيت الإيمان!
ولا أرى ذلك إلا كما قال بولس الرسول:
(رومية: 7:3) فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟
طالما مجد الله يزداد فلا يضر إن كنت صادقًا أو كاذبًا – ( الغاية تبرر الوسيلة) – !
بالمناسبة .. هل لهذا الاختلاف بين الإنجيلين علاقة بقول العديد من النُقَّاد أن إنجيل يوحنا ليس من تأليف يوحنا ابن زبدي تلميذ المسيح الذي كان يحبه؟!
خاصة وأن الكاتب في آخر كلام قال:
(يوحنا: 24:21) هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ.
اضغط للاشتراك في تطبيقنا على الفيس بوك لتصلك أجدد مواضييعنا برسالة خاصة